تخيل تنظيم "داعش" أنه بصك عملته الخاصة قد عزز فرص بقاء "خلافته المزعومة"، إلا أن التنظيم الذي أغوى الآلاف بدفع رواتب مغرية للالتحاق بصفوفه، يعاني من أزمات مالية حادة تنبئ بزواله.
راجت في الآونة الأخيرة تقارير كثيرة تفيد بتعرض تنظيم "داعش" إلى ضائقة مالية خانقة دفعت به إلى خفض رواتب مقاتليه إلى النصف.
صحيفة تلغراف البريطانية ألقت الضوء على مسألة معاناة التنظيم في الوقت الراهن من عجز شديد في السيولة النقدية سيما في معقله الاستراتيجي مدينة الرقة السورية عاصمة خلافته المزعومة.
فمنذ استيلاء التنظيم عليها مطلع عام 2014 أصبحت موطنا للكثير من المقاتلين الأجانب الذين وفدوا إليها مع عائلاتهم نظرا للإغرات المادية الكبيرة التي كانت تعرض عليهم بهدف "الهجرة" إلى هذه المدينة لتكون محطته الأولى لبسط دولة أنشئت من أجل سفك الدماء.
لكن وبعد مرور عام ونيف، يبدو أن داعش بدأ يتخبط في معقله الرقة التي كانت نصرا استراتيجيا لمعركته نظرا لأهميتها البالغة من حيث وجود عدد من آبار النفط كما أنها تمثل عمقا استراتيجيا للمقاتلين في مواجهة الخصوم، وقاعدة لإمداد كل المحافظات السورية، كما أنها تقع عند حدود 5 محافظات سورية ولها حدود خارجية مع تركيا، لكن جميع القرائن تدل على أن انكساره سيبدأ من هذه المدينة التي جعلها سيدة المدن التي تخضع لسيطرته.
فداعش الذي اضطر في يوم من الأيام إلى صك عملة خاصة يواجه حاليا صعوبات شديدة في سداد المصروفات بسبب ضربات قوات التحالف المتوالية فضلا عن تراجع إيراداته منذ الخريف الماضي، بعد قطع إمدادات تمويله.
وبحسب تقرير تلغراف فإن قادة التنظيم يتخبطون داخل أزمة مالية خانقة قد تنبئ بتفكك داعش واندثاره، إذ أصبح قادة داعش في الرقة يطلبون من سكان المدينة ضرورة سداد فواتير المرافق كالكهرباء والمياه بالدولار الأمريكي والذي يتم الحصول عليه من السوق السوداء، بالإضافة إبداء موافقتها بشأن الإفراج عن المحتجزين لديها بعد دفع 500 دولار عن الشخص الواحد.
فيما عبر مسئولون أمريكيون عن شعورهم بالتفاؤل إزاء تقلص ثروات التنظيم خاصة بعد الغارة الجوية التي وقعت مؤخرا وأدت إلى تدمير مخازن كان "داعش" يستخدمها فى حفظ كميات كبيرة من الدولارات الأمريكية التي يحصل عليها عادة من بيع البترول في الأسواق السوداء عبر وسطاء.
هذه المعلومات الواردة استندت إلى مقابلات مع سكان مدينة الرقة حيث خلص إلى أن المناطق الواقعة تحت سيطرة "داعش" تعاني اليوم من تضخم واسع النطاق وعجز في الأموال فضلا عن نقص فادح من السلع الضرورية، وارتفاع ناري غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، مع ترشيد الكهرباء جعل التنظيم يجهد في البحث عن بدائل أخرى للحصول على الأموال من بينها ليبيا.
وأعرب خبراء مكافحة الإرهاب أن داعش يستميت في البحث عن موارد بديلة ومجانية وليبيا هي غايتهم الآن، لأن ما يحدث بهذا البلد من صراع واقتتال يتلائم حتما مع طبيعة النظام الذي يسعى داعش إلى تشييده من جديد، وهو ما يفسر الأخبار الرائجة عن انتقال مقاتلي داعش إلى ليبيا في هذه الآونة.
وأفردت الصحيفة شهادة أحد سكان مدينة الفلوجة العراقية بأن المقاتل الذي كان يعمل لحساب داعش ويحصل فى وقت من الأوقات على راتب يقدر بـ400 دولار شهريا بات الآن عاجزا عن الحصول على هذا الراتب على الإطلاق، ليتجاوز الأمر ذلك إلى خفض عدد الوجبات اليومية في إلى وجبتين فقط بعد أن كان التنظيم يسفر في الإغداق على مقاتليه بحصص غذائية كثيرة.
وتابع الشاهد الذي رفض الكشف عن هويته خوفا من وقوعه بيد التنظيم وقتله في نهاية الأمر أن التنظيم يفرض دفع مبلغ 500 دولار على أي شخص من أفراد عائلته الذين مازالوا محتجزين في الفلوجة مقابل الإفراج عنه.
وأما في الموصل، فقد تحول داعش عن جلد الأشخاص الذين لا يلتزمون بارتداء الزي المحدد فى الأراضى الخاضعة لسيطرته، وبدأ بفرض غرامات مالية عليهم بدلا من توقيع عقوبة الجلد، كما أن التنظيم بدأ في مصادرة السلع الثمينة خاصة السيارات التي تباع لاحقا في سوريا، وذلك بناء على شهادة سكان الموصل.