أجرى خبراء جامعة حيفا بحثاً واسعاً مسهباً، حول العلاقة بين المستويات العالية التلوث الهواء والجو- وبين الأضرار التي تلحق بالأجنّة والمواليد، وستُنشر نتائجهُ قريباً (في آذار مارس المقبل) لكن أصْبح معروفاً انه يشير إلى ثلاثة محاور رئيسية للأمراض الناجمة عن التلوثات العالية، هي: بلدتا كريات حاييم وكريات بيالك، المنطقة الواقعة جنوب شرق قريات طبعون، وقمة الكرمل من الجهة المطلة على المناطق الصناعية (خليج حيفا).
وفي إطار هذا البحث، درس الباحثون اتجاهات الرياح، وتوصلوا إلى نتيجة مفادها أن المواد العضوية المتصاعدة والمنبعثة من مداخن المصانع الواقعة في المناطق المذكورة، هي التي تسبب في المنسوب العالي من الإصابة بأمراض سرطان الغدد الليمفاوية و سرطان الرئة (بمنسوب يزيد عن المنسوب القطري بخمسة أضعاف ).
استناداً الى معطيات من الجيش الإسرائيلي أيضاً!
ويستفاد من البحث كذلك انه سجلت في المناطق الثلاث المذكورة ولادات لأطفال بوزن متدنٍ منخفض، وبرؤوس صغيرة الحجم نسبياً – أي بحجم يقل بنسبة 20%-30% عن المعدّلات العامة في سائر البلدات والأحياء المجاورة.
واستند البحث إلى معطيات مستمدة من مصادر مختلفة، مثل معطيات مستشفى "رمبام"، والجيش الإسرائيلي، وصناديق المرضى، ومصانع المنطقة.
وعن نتائج هذا البحث قال البروفيسور آشير أور- نوي، من كلية الطب بالجامعة العبرية في القدس، أن نتائج هذا البحث تضاف إلى نتائج أبحاث أخرى، تفيد بأنه كلما كان منسوب التلوث اكبر وأعلى، تزداد احتمالات ومخاطر إصابة الأجنّة والمواليد بأمراض التوحّد ("اوتيزم") ومختلف الاضطرابات السلوكية "لكن لا تتوفر حتى الآن معطيات كافيه تؤكد الإصابة بالظواهر والأمراض المذكورة"-كما قال.
يونا ياهف"ساخط وغاضب"!
وأفادت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي (التي انفردت بالنّشر حول هذا البحث) بأن المسؤولين في بلدية حيفا، وفي مقدمتهم رئيسها يونا ياهف، لم ينظروا بعين الرضى إلى هذا البحث، بل وحاولوا عرقلة النشر عنه ووصفوه بأنه"غير جدي"، خوفاَ منهم على سمعة وصورة حيفا.
ونُشر أن ياهف جاء قبل أيام إلى مكتب المدير العام لوزارة البيئة، وطلب منه توسيع البحث (الجامعي) ليشمل مدناً ومناطق أخرى في إسرائيل، وبذلك تبتعد حيفا عن مركز الاهتمام وصورة الوضع، بالإضافة إلى تأجيل نشر النتائج عدة شهور.
ونُشر كذلك أن الخبراء لباحثين أجروا دراساتهم وفحوصاتهم "وهم مقيّدون"، بمعنى أنهم عندما طلبوا إذناً بأخذ عينات من تربة المنطقة المشمولة بالبحث، لفحص ما إذا كانت تحتوي على مواد مسرطنة- فإنهم قوبلوا بالرفض من طرف "رابطة مدن حيفا" بحجة ان هذا "أسلوب مغلوط"!
وتعقيباً على ذلك قال يونا ياهف ساخطاً: إنني مصدوم ومذهول من حقيقة إننا نحن الذين طلبنا إجراء البحث، ومدير عام رابطة المدن مشارك في طاقم الباحثين- وفي نهاية المطاف تفاجأ بسماع المعلومات والتقارير من وسائل الإعلام، بينما المدة المقدرة لانجاز البحث هي خمس سنوات، ولم تمرّ السنة الأولى من المدة المقررة، ثم انه لم يبلغنا أحد بالنتائج، ولا نعرف عنها شيئاً- لا عن حجم رؤوس المواليد، ولا غير ذلك "- على حد تعبيره، مشيراً إلى انه نُشرت العام الماضي نتائج بحث تفيد بوجود علاقة بين تلوث الجو والهواء، وبين أمراض السرطان التي تصيب الأولاد، وفي اليوم التالي نفى الباحثون وجود نتائج بحث من هذا النوع "-كما قال.
مستشفى "رمبام": لا علم لنا بهذه المعطيات!
ويدعي رئيس بلدية حيفا أن مدينته هي الوحيدة التي تجد نفسها في مواجهة ومجابهة مع التلوث، بينما هنالك عشرون بلدة مجاورة- من الخضيرة جنوباً وعكا شمالاً – يتوجب فحص التلوثات فيها .
وعقب متحدث بلسان "رابطة مدن حيفا" على النتائج الأولية للبحث بالتعبير عن "الأسف على المعطيات غير الدقيقة، رغم وجود طواقم مهنية تتابع مجرياته، وعندما تنشر المعلومات الكاملة الصحيحة والدقيقة، فسننشرها على الملأ، مع تشديدنا على حرصنا على نقاوة الهواء وجودة البيئة في خليج حيفا"- كما قال.
أما المتحدث بلسان مستشفى "رمبام"، فقال انه لا علم له بالمعطيات- لا في قسم الولادة ولا في قسم الخدج "وقد تكون المعطيات مأخوذة من مصدر آخر، ولن يعقب أطباؤنا وخبراؤنا على الموضوع إلا عندما تتوفر لديهم المعطيات والنتائج الوافية"-كما قال.
ومن جهتها، نفت وزارة الصحة أن تكون مشاركة في البحث أو في تمويله، وان المعطيات بم تُعرض على الخبراء المهنيين في الوزارة "وعند عرضها- سندرسها ونعقب " – كما قال متحدث بلسان الوزارة.
وتعقيباً على الموضوع، قال متحدث بلسان وزارة البيئية ان الأمر المفروغ منه لدى خبراء الوزارة ان مستوى التلوث في خليج حيفا عالٍ جداً "ولذلك فقد أخذنا على عاتقنا مسؤولية المعالجة، ونقوم ببلورة برنامج وتنفيذه بنشاط وبحزم، ورغم نجاحنا في تخفيض منسوب التلوث بنسبة 11%، إلا إننا نرى أن المنسوب ما زال عالياً، ونحن مصممون على تخفيضه"- كما قال، مشيراً إلى أن مسؤولي الوزارة لم يتسلموا من باحثي جامعة حيفا أية معطيات تتعلق بإصابات الأجنّة والمواليد!