بقلم:أمير خنيفس
المأزق الصعب التي وصلت إليها قرية حضر في الأيام الأخيرة زادت حالة الفزع والقلق عند أبناء الطائفة الدرزية في البلاد الأمر الذي أدى بالبعض منهم بأرتكاب أخطاء كالتي رأيناها في قرية حرفيش وفي قرية مجدل شمس يوم الإثنين الماضي. مثل هذه التصرفات مرفوضة في البداية وقبل كل شي من حيث المبدأ، بل تعود بالضرر على نجاحنا في النضال من أجل أهلنا في سوريا على كلا المستويين التكتيكي والاستراتيجي أيضًا.
مطلبنا من السلطات الإسرائيلية بعدم تقديم أي دعم لقوات النصرة التي سيطرت على الجهة الشرقية لهضبة الجولان وعلى محيط حضر هو مطلب شرعي، وعلينا الوقوف على تطبيقه على الشكل الكامل في الفترة القريبة. ولكن كل هذا لا يبرر ما حدث في مجدل شمس وقتل جرحى من داخل سيارة الإسعاف لان مثل هذة الاعمال تعود بالضرر على مهمتنا الاساسية في تأمين حفظ البقاء لاهلنا بسلامة على أرضهم ناهيك بأنها تعادي جميع القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية التي تميز مذهبنا الاسمى.
الأكثر من ذلك، مثل هذا التصرف لا يخفف الضغط على أهلنا في حضر، بل على العكس تماماً؛ يزيد من كراهية المحيط المتطرف لهم، وعزيمتهم على الانتقام من خلال عمليات عسكرية ضدهم في الوقت الذي هم بحاجة ماسة الى تخفيف الضغط عنهم في هذة الاوقات الحرجة وفي ضل نقص كبير في الاسلحة وفي المواد الغذأئية.
الأسوأ من ذلك هو أن مثل هذه التصرفات تضعف موقف العاملين من قيادتنا الدينية والسياسية العاملة من أجل إيجاد حلول سلمية لأهلنا في حضر أمام السلطات التي لها النفوذ الأقوى في المنطقة (الي مش فاهم بمن أقصد يرجع ينام) لأنه بالرغم من جميع الأصوات المعادية لمساعي هذة القوى ، جميعنا يعلم بأن حضر وأبناء الطائفة الدرزية في القرى المجاورة لها ما يزالون على قيد الحياة في المحيط السياسي المعادي لهم ليس بفضل الأسلحة النووية التي بحوزة أهلها وبالتأكيد ليس بفضل حاملة الطائرات التي أرسلها النظام المركزي في دمشق للدفاع عنهم،، وطبعأ مش بفضل صواريخ التوم هوك الي بعثتها قيادات سياسية من الدول المجاورة والتي جزء منها هلل بهتافات تمجيد وهلل أحداث مجدل شمس وإنما بفضل المشايخ والقوى السياسية العاملة بينانا من وراء الكواليس للحفاظ عليهم. وباعتقادي، كل قارئ في رأسه ذرة عقل تكفي لتحليق عصفور في الجو يفهم من أقصد.
أما عن معالجة الجرحى، فعلينا أن نفهم بأن هذه المساعدات الرمزية التي تقدمها السلطات الإسرائيلية ليست بأكثر من جزء من السياسة الخارجية للعبتها في المنطقة، تحاول من خلالهم إيجاد سبل تعاون مع تركيا ودول الخليج الداعمة لقوى المعارضة للنظام المركزي في دمشق. في حين تستغل هذه المساعدة لبعض الجرحى لترويج إنسانيتها على المستوى الدولي، ولتقليل الضغط الدولي وجمعيات حقوق الإنسان تجاه ما ترتكبه الحكومة اليمينية من مخالفات أنسانية في الضفة الغربية، فيتحول كل جريح سوري داخل المستشفيات الإسرائيلية إلى قصة إسرائيلية أنسانية تغطي الصحف الأوروبية والأمريكية، وعلى قول كاتب هارتس جدعون ليفي على أثر الهزة الارضية والدعم الاسرائيلي في نيبال: " يقتلون في غزة وينقذون في نيبال".
ما بدأ في حرفيش وانتهى في مجدل شمس عاد علينا بنتائج سلبية بعد النجاح الذي حققناه في الأسبوع الأخير والمسيرات الجميلة التي انطلقت في قرانا، والتي وضعت الطائفة الدرزية في سوريا وقلقنا اتجاههم على الخارطة السياسية المحلية والعالمية، فستبدلت صور المسيرات التي أحتلت ألاعلام الدولي والشبكات الاجتماعية والمقالات الملونة بالأعلام الخمسة الجميلة بمقالات لمجموعة تنقض على سيارات إسعاف وتنهال بالضرب على جرحى بشكل بشع.
ما بك بأن أي تصرف خارج من واحد من أبناء طائفتنا يفسَّر بشكل مباشر بأنه تصرف المجموعة كلها حتى لو كان هذا بعيداً عن الحقيقة، ولكنها واقع النظرة أتجاة كل أقلية ثقافية ودينية في العالم، هكذا يصبح كل منا سفيرًا لطائفتنا أينما تواجد الامر الذي يحتم على كل واحد منا بأن يسأل نفسه كيف ستؤثر أفعالة على صورة أبناء الطائفة الباقين. فهكذا كتبت الصحف الإسرائيلية في صباح اليوم التالي " الدروز قاموا بارتكاب اعتداء على سيارات أسعاف تابعة للجيش".
هذا الواقع يأخذنا إلى النقطة الاخرى، الا وهي كيفية انعكاس أعملنا في ظل الاعلام الهوائي ولانترنت وفي هذة الفترة الحاسمة على موقف الشارع الإسرائيلي والعالمي، ما بك باننا بحاجة لدعم الراي العام والعالمي اذا أردنا حقاً الحفاظ على سلامة أهلنا في سوريا ,انة بامكاننا تحقيق هذا الهدف إذا أثبتنا للمجتمعات الأخرى أننا طائفة مسالمة، وكل ما نريده هو العيش بكرامة وبسلام على أرضها. في حين سنلقى نفس الاشمئزاز ولا مبلاة من قبل القوى العالمية إذا أظهرنا أننا لا نختلف عن باقي المجموعات التكفيرية المتنازعة في منطقة الشرق الاوسط والتي يقتل العشرات منهم في كل يوم.
أضف على ذلك بأن اللجوء إلى أعمال غير أخلاقية وغير أنسأنية سرعان ما سينعكس علينا وعلى وحدة الصف بينانا خاصة وان الغالبية الساحقة من بيننا على استعداد لتقديم الكثير من أجل الدفاع عن أهلنا في سوريا طالما ما يقف كان من وراء الأمر موقف نبيل ومبداء الحفاظ على البقاء في حين أني أشك باستعداد الكثيرين لموقف مماثل إذا كان من ورائه أعمال غير إنسانية وغير أخلاقية.
وأخيراً علينا أن نعلم أن النضال من أجل سلامة أهلنا في المنطقة وحفظ البقاء يدخل مرحلة جديدة ولربما سيستمر على مدار فترة طويلة، من خلالها سنسمع نداءات من أطراف مختلفة تحتم علينا علينا أن نتسائل دائما" فيما إذا كان جل أهتمام من يقف من ورائها مشروع الحفاظ على البقاء، أم المؤسسة السياسية نفسها وإن كان اسمها سوريا أو موزانبيق أو نيكارغوا. ثانياً علينا أن نتسائل فيما اذا كان هدفها مشروع الحفاظ على البقاء أم التخريب على القوى الدينية والسياسية العاملة. ثالثاً علينا أن نعلم بأننا سننجح في نضالنا الشرعي إذا بقيت أهدافنا نبيلة وشريفة تحترم الإنسان كإنسان قبل كل شيء، وإلا فسرعان ما سنخسر أنفسنا ومن ثم بعضنا البض وفي النهاية قضيتنا.