عقد في مدينة القدس, في اوائل شهر اب الحالي, مؤتمر دولي للاديان, اشترك فيه حوالي خمسمائة مشترك ومشتركة من دول العالم, وخاصة من افريقيا ودول اوكيانيا ( دول المحيط الهاديء حول استراليا). وقد التقينا خلال أيام المؤتمر, مع بعض رجال الدين من كل الطوائف ومن بينهم مع بعض النساء المسلمات المشتركات من أستراليا. وتلك النساء من اصل لبناني, ويعشن في استراليا بشكل مستمر, وهن السيدة ندى روضة, محاضرة جامعية في موضوع تعدد الحضاراتو والسيدة مروة روضة, مسؤولة عن حضانة أطفال في اكبر مستشفى في استراليا, والآنسة سناء أسمر صحفية مبتدئة. وهن تمثلن المجلس الإسلامي الأعلى, لمقاطعة نيو ساوث ويست في استراليا. وقد علمنا منهن ان عائلة روضة, أصلها من قرية سير الطينة في منطقة طرابلس, شمالي لبنان, وأن والدها كان مختار القرية, وقد هاجروا عام 1971 الى استراليا, وسكنوا جنوبي الدولة. وقد قامت ندى بدراسة الشؤون الاجتماعية والعلوم الاسلامية في جامعة سدني, وكانت على اتصال مع أبناء الجالية اللبنانية في استراليا, وحصلت على منحة للدراسة في ماليزيا, فقامت برحلة الى لبنان عام 1982 عندما بدأت الحرب الأهلية هناك, وشاهدت لبنان في أسوأ وضع كان فيه, وعادت الى استراليا وأخذت تعمل في وزارة شؤون الجاليات العرقية, مسؤولة عن الجاليات الشرق أوسطية, منها الجاليات العربية والأتراك والأقباط وغيرهم. وفي نطاق عملها كانت لها علاقة قوية في الثمانينات مع الجاليات الدرزية في استراليا, حيث كان لكل مجموعة من المهاجرين الدروز من لبنان مركزاً بهم, وهي تذكر منهم معتمد مشيخة العقل الشيخ منير حكيم, الذي كان مسؤولاً عن كل القضايا الدينية والإدارية للمواطنين الدروز الذين كانوا منعزلين مذهبياً عن الباقين, لكن علاقاتهم ونشاطاتهم الاجتماعية كانت مشتركة مع باقي الجاليات العربية ومع السكان الأستراليين الأصليين. وقد قامت أثناء عملها بالإشراف على مركزيْن للدروز, وأعطت الحكومة بواسطتها منحة لإحدى هذه الجاليات لتأسيس مكتبة. وهي تذكر انه عاش في الثمانينات مطرب درزي مشهور أسمه يوسف كان يغني لفريد الأطرش, وكان صوته طبق الأصل من صوت فريد الأطرش, وقد أحيى حفلات كثيرة أمام كل الجاليات في استراليا. وتشهد السيدة ندى روضة ان الجاليات الدرزية محافظة جداً على تراثها وعلى جذورها, وتعمل كل شيء من أجل إستمرار الإتصال مع لبنان وتلقي التعليمات من مشيخة العقل. وتقول ان العرب تقدموا كثيراً في استراليا, ويوجد وزير عربي إسمه ادوارد عبيد, وتوجد محافظة اي حاكمة عامة لمنطقة كبيرة في استراليا هي دكتورة في علم النفس, واسمها البروفيسور ماري بشير وهي تحظى بمكانة مرموقة عند الاستراليين. ويبلغ عدد المواطنين اللبنانيين في جنوب استراليا حوالي ستة وسبعين ألف لبنانيا بما في ذلك الدروز. وقد تركت عملها هذا عام 1995 وتحوّلت للعمل في مجالات أكاديمية وجماهيرية اخرى.
وجدير بالذكر, ان الجالية الدرزية في استراليا, هي قديمة العهد, فقد أصبحت هدفاً يهاجر اليه الشباب الدروز في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر, وكان اول مهاجر درزي لبناني الى استراليا هو السيد يوسف النجار من قرية بيت ميري, إذ وصل الى استراليا عام 1875وسكن مدينة أديلايد وعمل هناك بالزراعة, ونجح كثيراً وجاء بعده عدد من الشباب المتحمّسين للعمل وبناء مستقبل جديد. وفي الأربعينات والخميسنات من القرن العشرين, هاجر عدد كبير من اللبنانيين, وحصلوا هناك على اراض ٍ ومساعدات للعمل في الزراعة. وقد أقامت الجالية الدرزية في بعض الأماكن البيت الدرزي, كمقر ثقافي ديني واجتماعي لها, وأصدرت أحيانا نشرة بإسمها. ويُعتقد ان عدد الدروز الاستراليين اليوم, يبلغ حوالي ستة الاف نسمة. وفي عام 1997 اشترك الدكتور سلمان فلاح بالمؤتمر الدرزي الامريكي السنوي في الولايات المتحدة, وقد حمل معه أعداداً من مجلة "العمامة". ووضعها على الطاولة في المؤتمر, فاختُطفت خلال دقائق. وبعد ساعة جاء أحد المندوبين يبحث عن الدكتور فلاح, ولما لاقاه أخبره انه المندوب الدكتور فؤاد ابو حمدان وهو رئيس الجمعية الدرزية في استراليا, وطلب الحصول على مجلة "العمامة". وكان الدكتور سلمان يحتفظ بنسخة واحدة ليقدمها لأحد أساتذة الجامعات, فقدمها له وفرح بها كثيراً وتحدّث معه عن أوضاع الدروز في استراليا.
هذا ويحرص الدكتور سلمان فلاح, على إرسال منشورات درزية بما في ذلك "العمامة" الى عدة اوساط ومؤسسات درزية في استراليا. وقد وصلت الى مجلة "العمامة" رسائل من عدد من المواطنين الدروز من استراليا وكذلك من بروفيسور استرالي يجيد اللغة العربية ويهتم بشؤون الطائفة الدرزية فأرسلت له كتب ومعلومات عن الدروز. وقد قُمنا بتسليم السيدة ندى روضة وزميلتيها نسخ من العددين الأخيرين من مجلة "العمامة" لتوزيعها على معارفهن من المواطنين الدروز بعد عودتهن.