بطريقة مختلفة عن بدايته في المعترك السياسي يريد "وليد بك جنبلاط" توريث ابنه "تيمور" .هو الذي أُلبس عباءة الزعامة في لحظة غدر من الزمن أنهت مسيرة والده كمال جنبلاط وساقته إلى قدره السياسي محاطاً بطائفة نصّبته وصياً على الخاص والعام من شؤونها . في الواحد والثلاثين من الجاري يتوقع أن يعلن "البيك" المحنك استقالته من مجلس النواب، واضعا من لم يبد حماسة للخطوة امام امر واقع الدعوة الى انتخابات فرعية لملء الشغور .
"على حياة عينه" يريد جنبلاط تسليم الراية لنجله . يهدس الزعيم الدرزي في أن متوسط عمره قد لا يتجاوز الستين، وهو المهدد أمنياً منذ سنوات خلت. يريد لمسيرة التسلم والتسليم أن تحصل بهدوء وأن يتمرس الولد تحت رعاية الوالد. لن يغادر جنبلاط معتركه السياسي، وإنما سيقوم بعملية توزيع للأدوار بينه وبين نجله، هو الزعيم والمرجعية السياسية، و"تيمور" النائب المؤتمن على القضايا الخدماتية يتواصل مع الناس ويتولى معالجة شؤونهم وشجونهم في مسعى لتعبئة الفراغ تدريجياً.
يقول العارفون إن عملية التوريث هذه متصلة بالقلق "المرضي الجنبلاطي" على زعامة هذا البيت، خصوصاً بعدما صار هناك علاقة جدية وثيقة بين زعامة الدروز وآل جنبلاط، ولاسيما "وليد بك" من بينهم، وهذا أمر لم يعد موجوداً في المشرق، بحيث لا نزال نشهد هذه الظاهرة الغريبة بتمسك الدروز بآل جنبلاط وهذا الدفء في العلاقة بين الطرفين.
يغالب "البيك" قلق على مصير طائفته، وهي الأقلية المهاجرة، التي تعاني من صراع الطوائف، خاصة أن معادلات "سايكس بيكو" تُضرب ما قد يجعل مصير هذه الطائفة في مهب الريح .
يريد أن يضمن توريث الزعامة بسلاسة وهدوء وبظروف مختلفة عن ظروف توليه، وسيضع نجله أمام امتحان التفاعل مع وقائع سيضعها في يده تحت معايير النجاح او الفشل، ولو انه هيأ له ظروف النجاح وعززها من حوله .
ترافق وإياه خلال زيارة السيد حسن نصرالله وأوصى به الرئيس نبيه بري الذي أبدى قلقه من توقيت غير مناسب لمثل هذا الأمر، ربما لأن بري لا يريد لصديق دربه السياسي الطويل و"لنصفه الآخر" في الحنكة السياسية اليوم ان يغادره وهو المتناغم معه ولو عن بعد.
في تقييمها تبدو خطوة ذكية فعلا، نابعة من حرص زعيم طائفة على تماسك طائفته والحفاظ على إرث عائلي طويل، لكنها وعلى حد تعبير بري "مسألة ليست مزحة" .