بقلم: أمير خنيفس
من المبكر إعلان نهاية مسيرة نتنياهو السياسية، وإذا كان الناخب الإسرائيلي قد قرر إبعاده وإبعاد حزب الليكود إلى مقاعد المعارضة في الانتخابات القريبة. ولكن مما لا شك فيه بأن نتنياهو قد استطاع الجلوس على كرسي رئاسة الحكومة خلال أغلبية العقد المنصرم، وتحديدًا منذ أن نافس شمعون بيرس على رئاسة الحكومة في انتخابات 1996، بعد أن استطاع إقناع الأغلبية الساحقة من مجموعة الأكثرية اليهودية في الدولة بمصداقية دعايته الانتخابية حين ذاك: " نتنياهو طوڤ ليهوديم".
على عكس توجه جزء من الأحزاب اليهودية اليسارية، التي تطمح عادة إلى تحصيل الأفضل للدولة (طوڤ لمديناه)، نتنياهو والليكود يفرّقان بين ما هو طوڤ ليهوديم وما هو طوڤ لمديناه (للدولة)، خاصة وأن الأخيرة تضم بين سكانها ما يقارب العشرين بالمئة من العرب، ولمن يفضل التعامل مع مصطلح الأقليات بدل كلمة عرب، فليكن كذلك، لأن قصد الحديث هو أن بالنسبة لنتنياهو وحزبه ما هو طوڤ ليهوديم ليس بالضرورة مصلحة الدولة، ولا سيّما إذا كان من بين المستفيدين سكانها من الأقليات غير اليهودية على اختلاف أشكالهم وألوانهم وتواجدهم الجغرافي.
الأغلبية الساحقة من اليهود رحبت بالفكرة وصوتت بأغلبيتها الساحقة لنتنياهو وحزبه في السنوات الماضية لأن مثل هذا التوجه يكرّس في البداية وقبل كل شيء مصادر وموارد الدولة الاقتصادية لصالح الأغلبية اليهودية. فعلى سبيل المثال، تشهد المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، الجليل والنقب كما هو الحال في مركز الدولة نهضة إعمار وتطور على جميع المستويات. في حين يقتصر الاهتمام بالمراكز السكنية التابعة للمناطق غير اليهودية على ما يعرف ببرامج إعانات وإغاثة تقدم عادة للمجالس المحلية بلحظات قليلة قبل انهيارها.
الأهم من ذلك هو أن سياسة طوڤ ليهوديم تكرّس جميع المركّبات الثقافية التّابعة للدولة لصالح الأغلبية اليهودية، وعلى رأسها العلم ، النشيد الوطني ، عاصمة الدولة ... في حين يكون التشديد ليس فقط على الحفاظ على هذه المركّبات لصالح الأغلبية اليهودية، بل أيضًا العمل بشكل واضح على إبعاد كل من هو غير يهودي من إمكانية التقرب والانتماء لهذه المركّبات، وهو الهدف المعلن من وراء قانون الدولة اليهودية التي حاول نتنياهو في الأشهر الأخيرة تطبيقه حرفًا وموضوعًا.
المهم أن النجاح في التقرب من نتنياهو وحزبه في السنوات الأخيرة لا يحتاج رؤوسًا عبقرية ولا ميزات جماليّة؛ بل كل مَن هو على استعداد للعمل ولتقديم ما هو طوڤ ليهوديم على جميع المستويات، والتي ليست بالضروره أيضًا طوف لمديناه بل على الأغلب أيضاً راعْ لميعوطيم (مؤذية للألقليات). هذا أيضاً ما يبرر انتخاب السيد أيوب القرا على يد أعضاء مركز الليكود كمرشح عن الأقليات في قائمة الليكود هذا الأسبوع وتحديداً لكونه المرشح غير يهودي الأفضل والأكثر ولاء لسياسة طوڤ ليهوديم، وليس لأنه الأفضل للدولة، بل على الأغلب الأسوأ للعرب بما فيهم الدروز ( للقراء الذين طقت روحهن وهن يبحثوا على كلمة دروز).
ليس صدفة أن لقب نائب الوزير لتطوير النقب والجليل، الذي يلوّح به الأستاذ أيوب مع مجموعة من الطبالين والمزمرين، لم نَرَ منه الكثير على أرض الواقع سوى تصريحات إعلامية مع وسائل إعلام محلية مستواها وعمقها معروف جيدًا لأولاد الحضانة في الساحة الخلفية لمدارسنا الابتدائية، ليس لأن الأستاذ أيوب لا يريد ذلك، بل لأن مثل هذا الخطاب أو مثل هذه المطالبات من الحكومة الإسرائيلية تتناقض بشكل جوهري مع مبدأ ما هو طوڤ ليهوديم، والذي - كما أشرنا- يعمل على تكريس جميع الموارد والمصادر الاقتصادية في الدولة لمصلحة الأكثرية اليهودية.
من البديهي حتى البحث عن اقتراح أو قانون يقدس العلاقة الحتمية للشعب اليهودي مع المركبات الثقافية للدولة والذي لم يلقَ الترحيب الكامل من قبل السيد أيوب، وإلا فسيتهم بخيانة ما هو طوف ليهوديم. ولكي يبعد كل الشبهات عنه-خاصة من قبل المتطرفين في حزب الليكود- كان من أشد المعارضين للانسحاب من قطاع غزة، مُقدِّمًا لهم الولاء الأعمى لأرض أسرائيل الكاملة. حتى الحرب الأخيرة على غزة، حوّلها الأستاذ أيوب إلى حرب للطائفة الدرزية على قطاع غزة، وكأن قرار الاجتياح كان قد خرج من قبل رؤساء السلطات المحلية الدرزية ! في حين علل من خلال وسائل الإعلام مشاركة عدد من الجنود في المواجهات من منطلق واجب ديني يفرض على أبناء الطائفة خدمة الشعب اليهودي في السراء والضراء، وليس من منطلق تنفيذ قرارت الدولة التي تحتّم على كل موظف حكومي التصرف بحسبها وكما سيحاول الكثيرون منا تبرير موقف من هذا القبيل (اللة ينفعنا من بركاتك شيخ) !!!
ليس من الغريب إذًا أن أعضاء حزب الليكود ورئاسته قد فضلوا انتخاب القرا كمرشح الأقليات في قائمة الليكود وليس غيره. فقد كان ذلك في البداية وقبل كل شي من أجل خدمة ما هو طوڤ ليهوديم، وكونه الأكثر قدرة على ترويج سياسة هذا المبدأ بحذافيرها، وليس لأنه الأفضل لتمثيل وتقديم ما هو طوڤ لميعوطيم (الأقليات) بما فيهم هدروزيم (الدروز).
ولكن من أجل الإنصاف بحق الأستاذ أيوب وتبرير هدف المقالة الأول والأخير والذي يحاول أن يعكس مأساة العمل السياسي عند الأقلية العربية والدروز على مستوى الكنيست فعلينا الاعتراف بأن معظم الشخصيات السياسية العربية العاملة في الأحزاب الإسرائيلية على أستعداد بأن تلبّي ما هو طوڤ ليهوديم حتى على حساب مصالح مجموعتها الثقافية مقابل كرسي في الكنيست، في حين يختلف الاخير بانة على استعداد تام لتقديم جميع العهود اللازمة لاعضاء حزبة لتثبيت موقفه الصامد اتجاه ما هو طوڤ ليهوديم، وبذلك تأمين مقعده على لائحة المرشحين في حين يحاول مرشحين آخرين التلويح بلغتين واحدة للشارع العربي وواحدة للشارع اليهودي تنتهيان بفشل صارم في ضمان مقاعدهم مع هذة الاحزاب.
وبهذه المناسبة لا يمكننا إلا تقديم التهاني الحارة إلى السيد غالب مجادلة الذي أنهى وظيفته كمستشار مع أكثر منظمة متضامنة مع كل ما هو طوڤ ليهوديم- الكيرين كيمت- واالعاملة قبل كل شي على سلب الأراضي من العرب والأقليات وتحويلها الى أراضي دولة ومن ثم إلى أملاك لأيدٍ يهودية خاصة، ليكون مرشح الأقليات على لائحة حزب العمل، داعين من الله أن يوفقه هو والأستاذ أيوب والعمل سويةً خلال الجولة المقبلة من أجل كل ما هو طوڤ ليهوديم.
في الصورة : السيد أيوب القرا (من الممكن قص جزء من الصورة)
في الصورة : السيد غالب مجادلة
كاتب المقال : أمير خنيفس