الرجل الثالث من أصول إفريقية يقتل برصاص شرطي "أبيض"،ليس في مكان ما، بل في بلد ينشر الحرية والديمقراطية في العالم، ما أثار احتجاجات عرقية عمت البلاد معلنة انطلاق "ربيع أسود".
أعلنت شرطة مدينة فينيكس الأمريكية في بيان لها مساء الخميس 4 ديسمبر/كانون الأول عن وفاة رجل يدعى رومين بريزبون (34 عاما) اشتبه بحيازته على سلاح أثناء محاولة اعتقاله من قبل شرطي اشتبه بأن الرجل الأسود يتاجر بالمخدرات، في مشهد يعيد إلى الأذهان حادثتين مماثلتين.
كانت أولاها خلال شهر يوليو/تموز في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري، عندما قتل الشاب مايكل براون على يد الشرطي ولسون الذي عمدت السلطات الأمريكية إلى التكتم عن هويته بادئ الأمر ثم عدم توجيه تهم إليه ما فجّر موجة احتجاجات واسعة شملت أغلب المدن الأمريكية الكبرى قبل أسبوعين.
كذلك فعلت هيئة محلفين أخرى في نيويورك عندما قررت عدم توجيه الاتهام لشرطي أبيض مسؤول عن مقتل الرجل "الأسود" إريك غارنر خنقا أثناء محاولة اعتقاله في نيويورك في ثاني قرار لصالح قوات الأمن في غضون أسبوعين بعد قضية فيرغسون.
أمر لم يتقبله الأمريكيون على اختلاف ألوانهم ووانتمائهم العرقي حيث تدفق المحتجون على شوارع مانهاتن في نيويورك ومدن أخرى في مظاهرات غالبيتها سلمية لليلة الثانية على التوالي.
وردد المشاركون في احتجاجات الشوارع في وسط مانهاتن "لا أستطيع التنفس" وهي العبارة التي قالها غارنر تكرارا في فيديو يصور الحادث قبل موته.
وكانت تقارير إعلامية أفادت بأن الشرطة الأمريكية اعتقلت أكثر من 400 متظاهر في الأيام الثلاثة الماضية خلال تلك الاحتجاجات ووجهت لأغلبهم تهمة الإخلال بالنظام العام.
فجرت قضيتا نيويورك وميسوري جدلا قديما عن أجهزة إنفاذ القانون في الولايات المتحدة واتهامها على نطاق واسع باستهداف الأمريكيين الأفارقة والأقليات الأخرى دون وجه حق.
الأمر الذي أرغم وزير العدل الأمريكي إريك هولدر على الإعلان عن إجراء تحقيق كامل في قضية نيويورك، وكان قد أطلق من قبل مراجعة للحقوق المدنية في قضية فيرغسون.
كما أعلن هولدر أن تحقيقا فدراليا أظهر أن شرطة كليفلاند (أوهايو، شمال) التي قتل أحد أفرادها في نوفمبر/تشرين الثاني فتى أسود عمره 12 عاما، أفرطت في السابق في استخدام القوة.
وقال إن التحقيق الفدرالي "خلص إلى أن هناك أسبابا تدعو إلى الاعتقاد بأن شرطة كليفلاند انخرطت في مجال أو عادة استخدام القوة بشكل غير عقلاني وغير مفيد، وفي انتهاك للتعديل الرابع للدستور".
وفي أول رد فعل أممي على الأحداث الجارية في الولايات المتحدة دعت الأمم المتحدة السلطات الأمريكية إلى احترام حرية التعبير، مطالبة إياها بتعزيز محاسبة شرطييها على أفعالهم.
وقال ستيفان دوغاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن "هذه القضية تطرح مجددا قضية مسؤولية عناصر قوات الأمن". وأضاف أن الأمين العام "يدعو السلطات المختصة في الولايات المتحدة بإلحاح إلى بذل قصارى جهدها من أجل الاستجابة للنداءات" التي تطالب بـ"محاسبة عناصر الشرطة على أفعالهم أكثر فأكثر".
أحداث متسارعة تشهدها الولايات المتحدة، وإن اختلفت أسبابها فهي تدور حول نفس المحور الذي تدعي هيئات حقوق الإنسان الأمريكية في الداخل والخارج الدفاع عنه، ألا وهو أبسط الحقوق، "العيش الكريم" و"حرية التعبير".
مظاهرات الاحتجاج انطلقت، فهل تكون بداية لـ"ربيع أسود" في أمريكا على غرار ما سمي بالربيع العربي، وهل يثمر هذا الربيع أو يزهر على الأقل؟.